أطر الإدارة التربوية
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

اذهب الى الأسفل
avatar
Admin
Admin
المساهمات : 26
تاريخ التسجيل : 15/01/2018
https://idara-tarbawiya.rigala.net

العقل التربوي الرسمي ونتوءات الاختلال في التنظير Empty العقل التربوي الرسمي ونتوءات الاختلال في التنظير

الإثنين يناير 15, 2018 11:17 pm
( معالم من واقع ممارسة المفتش التربوي )

عبد العزيز قريش

في المقاربة:

           هذه الورقة؛ بما أنها تقع في النظرية النقدية التربوية، التي ليست معارضة مجانية تطلب إلغاء الآخر جمعا أو فردا، فكرا أو عملا، تنظيرا أو اقتراحا، تشريعا أو توجيها، لمنظومة التربية والتكوين أطرا كانوا أو مؤسسات كانت، كما يعتقد البعض حين تعاطيهم مع النظرية النقدية التربوية! بل هي دعوة إلى تكامل وتناسق جهود كل الحريصين والصادقين، سياسيين كانوا أم تربويين أم باحثين أم مواطنين عاديين، مسؤولين أم غير مسؤولين، من أجل بناء حاضر ومستقبل واعد للفرد والمجتمع والدولة. وهي النظرية النقدية التربوية حين تصريفها في مكانها تعتبر مواقف مشرفة، وخير جهاد إن قالت كلمة حق في وجه نظام تربوي تكويني مختل ومعتل، وهي القادرة على إهداء العيوب والاختلالات للنظام التربوي والتكويني ليقوم نفسه بنفسه، ويطلب الإصلاح بقناعة ورؤية واضحة مع فهم دقيق لوضعيته وواقعه مع منح وإهداء الصورة الأجمل والأحسن والأروع للمجتمعين المدرسي والمغربي ليقوم أفرادهما بتقويم الخطأ في ذات هذا النظام، وفي واقعه بغية تحقيق الأصوب والأصح والأنفع والأسلم في مكوناته ونتائجه ومحصلاته. وبما أنها تقع من جهة أخرى في مساحة ورقية جد محدودة، تحاصر الباحث في نوعية المسلك المنهجي، وفي كم ونوع المنطوق المعلوماتي والاستنتاجي والاستشهادي لمفاصلها وتفاصيلها. لهذا؛ ستسلك الورقة النقد منهجية، والأسلوب المباشر آلية للتواصل والتحليل والتركيب والاستنتاج فضلا عن الاقتراح والتوصية، والاختصار هدفا في الكم مع استحضار النوع فيه، وضرب الأمثلة بالحجج والبراهين دليلا عن أحكام المتن، متجاوزة في كثير من مناطق القول الرد عن أحكام قيمة مطلقة هشة في حق هيئة التفتيش التربوي من قبل الوزارة أو بعض المؤسسات الرسمية المهتمة بالتربية والتكوين.

في الدواعي:

القارئ لصورة التفتيش التربوي في العقل التربوي الرسمي للوزارة، يجدها واضحة في بداية تشكل هذا العقل استنتاجا من موقعه في النظام التعليمي المغربي قبيل الاستقلال وبدايته، حيث كان قطب الوزارة المنوط به توظيف هيئة التدريس وإقرار ترسيمهم من عدمه وتأطيرهم ومراقبتهم بل وتكوينهم في الميدان. ولكن مع التعاقب الزمني وفي ظل بعض الممارسات السلبية التي لا يقاس عليها من قبيل ما أورده أستاذنا الدكتور محمد عابد الجابري رحمه الله في قوله: ( من حين لآخر، وفي الغالب مرة واحدة كل سنة أو سنتين، يدق عليه ] أي المعلم [ باب القسم شخص ثالث. إنه هذه المرة ليس المدير ولا المعلم المجاور، ولا التلميذ الذي يطوف المدرسة باحثا عن الطباشير أو الممسحة أو الخارطة، إنه المفتش. فماذا سيكون شعوره إزاء هذا الوافد الجديد ... المخيف؟ أغلب الظن أن شعوره في هذه الحالة لا يختلف عن شعور التاجر الذي لا يضبط شكليات الحسابات، عندما يفاجئه مفتش المالية؟ يدق المفتش باب القسم، أو لا يدق. يفتح الباب والمعلم يرتعد ... يطلع على أوراق التحضير والتوزيع السنوي والتوزيع الشهري... يلتفت إلى الصور التي قد تكون على الجدران، يلقي نظرة على السبورة، وعلى الطاولات، والتلاميذ. يجلس في مقعد، يستمع إلى الدرس، يسجل ملاحظات، أو يكتب التقرير مباشرة. ثم تنتهي الحصة، ويغادر المفتش القسم بعد أن عاش المعلم المسكين ساعة من أطول ساعاته، عانى فيها من أنواع الارتباك والاضطراب ما جعله يتصرف أثناء الدرس بانفعال ودون ضبط ... وقد يزيد في حدة الموقف عدم استجابة التلاميذ للدرس، أو فضول بعضهم الذي لم يتردد في إلقاء أسئلة " غير مناسبة " ... المهم هو أن المفتش غادر القسم أو المدرسة، ساكتا أو بعد ملاحظات وانتقادات ... وبعد أيام، أو أسابيع، يأتي تقرير المفتش ... التقرير الذي يحكي ما رآه هذا الأخير، وما سمعه وما سجله ... يأخذه المعلم على عجل، وعيناه تبحثان عن النقطة ... حتى إذا تبينها، وقرأها مرارا، ألقى نظرة على ما هو مكتوب من ملاحظات " وتوجيهات " مكرورة معروفة. هذه صورة مؤسفة، صورة كاريكاتورية، بعض الشيء، ولكنها صورة الواقع الفعلي، إن لم يكن مائة في المائة، فسبعون في المائة أو يزيد. والنتيجة الوحيدة التي يمكن استخلاصها من هذه الصورة، هي أن الجانب التربوي في تعليمنا شكلي كله:

ـ التكوين في مدارس المعلمين تكوين اسمي، مغرق هو الآخر في الشكلية.

ـ أما التأطير والمراقبة التربوية، أي ما نسميه بالتفتيش، فلعله أكثر الجوانب شكلية وسطحية في تعليمنا كله. أكثر المفتشين عندنا يهتمون بالمظاهر والشكليات فقط، بالأوراق، بالصور، بجداول الحصص، بالتوزيعات ... والملاحظات و " التوجيهات " تأتي شكلية كذلك: لماذا فعلت كذا ولم تفعل كذا؟ لماذا قلت كذا ... التلاميذ يرفعون أصابعهم مع ضجيج ... الإجابات جماعية أوراق التحضير قديمة ... غير ملونة ... السطور غير مستقيمة ... الخط غير واضح ... إلى آخر القائمة المعروفة )

[1]. وهي سلبيات أصبحت على لسانه حكما مطلقا متوارثا بين أجيال هيئة التدريس، في خطاب تربوي شعبوي يعمم دون أن يخصص، متناسيا قوله رحمه الله: ( لعلني أثقلت عليكم، بل ربما عممت الحكم على الكثيرين الذين يبذلون جهدا كبيرا في أداء مهمتهم والرفع من مستوى العمل التربوي الذي يمارسونه، ولكن عذري هنا هو أنني قصدت إلى إبداء العيوب وتجسيمها حتى نكون على بينة من أمرنا )[2]. واتخذته الوزارة واستقراء الآراء في محطات إصلاح تعليمها حكما عاما تجاه هيئة التفتيش التربوي التي لا ننفي عنها بعض الممارسات السلبية كما تقع في مختلف أطر الوزارة والقطاعات الأخرى، فهذا معطى اجتماعي نابع من سوسيولوجيا المجتمعات نتيجة عوامل متنوعة ومختلفة، أشدها تأثيرا العامل التربوي والثقافي والقيمي. حتى شكلت الوزارة عقلا سلبيا تجاه التفتيش التربوي. فحملته المسؤولية في أكثر من موقع وموضع دون النظر في أسباب ما رمته به من تقصير؟! واتخذته مشجبا لأخطائها التنظيرية والتطبيقية. وقد كان أحد العروض الذي نسب إليها إنشائيا ـ ولم أنسبه إليها إداريا حينها لانتفاء الشروط الإدارية عنه ـ وسم جهاز التفتيش في الموسم الدراسي 2010/2011 ب: ( * ضعف مساهمة هيئة التفتيش التربوي في تأطير الدخول المدرسي على مستوى المؤسسات؛* نقص في زيارات المؤسسات التعليمية من طرف المفتشين التخصصيين؛ * تأخر في المصادقة على جداول الحصص من طرف المفتشين التربويين )[3]. ووسمته وثيقة هي الأخرى شبيهة من الناحية التوثيقية والإدارية بالوثيقة الأولى، مؤرخة بيوم الجمعة 26 فبراير 2016. وجاءت بصيغة pdf، تحمل عنوان: " أهم خلاصات الملفات التي عالجتها المفتشية العامة للشؤون التربوية " بالتالي: (*  ضعف معدل التأطير والمراقبة بشكل عام إذ لم يتجاوز معدل الأنشطة المنجزة: ( 62 ) نشاطا بالسلك الابتدائي؛ ( 47 ) نشاطا بالسلك الثانوي. *طغيان منطق التفتيش والذي قارب نسبة ( 50% ) بالابتدائي، وتراوح بين ( 45%  و 33% ) في الثانوي؛ * محدودية الأنشطة التأطيرية ( الندوات والزيارات )، والتي تشكل المهمة الأساس لهيئة التفتيش التربوي )[4]. وقد استخلص التقرير السنوي[5] للمجلس الأعلى للتعليم لسنة 2008 ارتسامات عامة حول نظام التفتيش الحالي خلصت بالنسبة لموضوعية تقويمات المفتشين إلى القول: ( أما بالنسبة لموضوعية تقويمات المفتشين، فيرى 31% من مدرسي الثانوي أنها فعلا موضوعية، مقابل 24% يرون العكس. أما بالنسبة لمدرسي الابتدائي فالنسبة هي على التوالي 31% و32% )[6]. وأما عن قلة نجاعة نظام التفتيش، ومحدودية التكافؤ، والنقص في النزاهة، والنقص في الشفافية، والطابع الجزئي، والطابع السطحي؛ وهي كلها تمتد في العقل الباطن إلى قول المرحوم الدكتور محمد عابد الجابري السابق، ويعيدها إلى السطح العقل الفوقي للمجتمع المدرسي بقوله: ( إلى جانب النقص المعبر عنه بخصوص نظام التفتيش الحالي، يرى فيه المستجوبون اختلالات أخرى هي: * قلة النجاعة " 30% من مدرسي الثانوي مقابل 28% من مدرسي الابتدائي "؛ * محدودية التكافؤ " 31% من مدرسي الثانوي مقابل 30% من مدرسي الابتدائي "؛ * النقص في الشفافية  " 35% من مدرسي الثانوي مقابل 32% من مدرسي الابتدائي "؛ * النقص في النزاهة " 34% من مدرسي الثانوي مقابل 33% من مدرسي الابتدائي ". هناك انتقادات أخرى لنظام التفتيش ولكنها أقل حدة مقارنة مع الانتقادات السابقة، وتهم الطابع الجزئي لهذا النظام " 42% من مدرسي الابتدائي مقابل 34% من مدرسي الثانوي ". طابعه السطحي كما عبر عن ذلك 44% من مدرسي الابتدائي مقابل 34% من مدرسي الثانوي. أما الأساتذة الذين ينتقدون موضوعية نظام التفتيش فهم قليلون " ربع المبحوثين تقريبا " مقارنة مع الانتقادات السابقة الذكر )[7].

واستكمل المجلس الأعلى للتعليم بصيغته الجديدة منطوقه حول جهاز التفتيش بقوله: ( لكن المفتشين - الذين يمارسون التفتيش حاليا - لم يتلقوا كلهم التكوين الأساسي الذي يؤهلهم لمزاولة مهامهم الجديدة على الوجه المطلوب. فقد تم تعيين العديد منهم على أساس الأقدمية وحدها، دون أن تتم مواكبتهم بواسطة آلية لتقييم ممارستهم المهنية، والتعرف على مدى تأثيرها في المردودية البيداغوجية للمدرسين. إن الإكراهات الموضوعية لمهنة التفتيش، والمتمثلة في عدم تعميم التكوين على جميع أعضاء هذه الهيئة، وعدم استغلال التقارير البيداغوجية التي يضعها المفتشون، والمعيقات المادية والتنظيمية التي تعترض القيام بمهمة التفتيش، وتدهور صورة هيئة المفتشين ومصداقيتها وفعاليتها، كل ذلك ينذر بضرورة التفكير في أنماط أخرى لتأطير الممارسات البيداغوجية، وتقييمها، ومواكبتها، حتى يتسنى الرفع من مستوى الكفايات البيداغوجية للمدرسين )[8]. وهو قول كسابقيه في عمومية وشعبوية لا يناسب من يتصدى للبحث العلمي والدراسات العلمية الدقيقة، فكيف يكون في سنة 2014 الذين يمارسون التفتيش حاليا " لم يتلقوا كلهم التكوين الأساسي الذي يؤهلهم لمزاولة مهامهم الجديدة على الوجه المطلوب. فقد تم تعيين العديد منهم على أساس الأقدمية وحدها، دون أن تتم مواكبتهم بواسطة آلية لتقييم ممارستهم المهنية، والتعرف على مدى تأثيرها في المردودية البيداغوجية للمدرسين " ومركز تكوين المفتشين حاضر فينا قبل 1965 قولا منطقيا وموضوعيا وناتج عن محلل تمرس في البحث والدراسة؟ ألا يقف هذا الحكم عاجزا أمام السؤال المنطقي والعقلاني والموضوعي اتجاهه بالقول: هل قمت بدراسة مسحية لمجموع المفتشين العاملين حاليا فوجدت كل المفتشين لم يتلقوا التكوين الأساسي؟ أهذا الحكم مبني على معطى إحصائي على الأقل؟ أم هو الكلام سائبة يأتيه من هب ودب، وادعى البحث والدراسة والتأليف والتلفيق؟ ... والله؛ ثم الله لأتأسف على مثل هذه التقارير التي تدعي التحليل، وهي تنقل كلاما عاما، وتقوم بتدوير المعرفة لا بتأثيلها وبتأصيلها! وهذه الصورة أكدتها بصيغة أخرى ومنطوق كلامي عام الرؤية الاستراتيجية للإصلاح 2015 ـ 2030 بقولها: ( محدودية نجاعة أداء الفاعلين التربويين وما يعانيه التكوين الأساس والمستمر من نقائص )[9]. والمفتش التربوي من الفاعلين التربويين. وسؤال دراسة النجاعة علميا وتجريبيا يظل قائما في حق هذه الرؤية. فالإصلاح لا يقوم على الرأي، وإنما يقوم على الحقائق العلمية الواقعة والموجودة حقيقة، وليست الأوهام التي تبدو كالحقائق وهي خلاف ذلك. حيث تصبح تلك الأوهام مبررات ضرورية خاطئة، يبنى على مقتضياتها معمار الإصلاح، فينهد المعمار مع الوقت لأنه لم يبن على الحقائق الحقيقية والموضوعية الفاعلة في الوضعية التعليمية. ففي غالب الأحيان والأوقات؛ تتولد استيهامات شخصية مضافة عند الفرد يعتقد أنها الواقع، وهي في حقيقتها غير مرتبطة بالواقع الفعلي المعيش البتة. ولهذا؛ وجب النقد في حق العقل التربوي الرسمي الذي أسقط عليه مقولة أستاذنا المرحوم الدكتور محمد عابد الجابري: ( إن نقد العقل جزء أساسي وأولي من كل مشروع للنهضة. ولكن نهضتنا ] التربوية والتكوينية [ الحديثة جرت فيها الأمور على غير هذا المجرى، ولعل ذلك من أهم عوامل تعثرها المستمر إلى الآن. وهل يمكن بناء نهضة بعقل غير ناهض، عقل لم يقم بمراجعة شاملة لآلياته ومفاهيمه وتصوراته ورؤاه؟ )[10].  

           وأما الأدبيات التربوية والخطاب التربوي و" الثقافة التربوية " فيسودها الكثير من الأحكام السوداوية تجاه هذا الجهاز نتيجة أسباب متعددة، منها الشخصي، والذاتي، والموضوعي، والمؤسساتي، والتاريخي ... ولا داعي إلى ذكرها، ويمكن كإشارة لبعض منطوقاتها الدخول إلى الشبكة العنكبوتية والاطلاع على عديد المقالات في شأنه خلا الردود التي تأتي في بعضها متشنجة ومنفعلة لا تعبر إلا عن الحالات النفسية الانفعالية التي لا تساهم في الحوار، ولا في تطويره، ولا في مقاربة ومعالجة الظاهرة المطروحة. وأما الواقع التعليمي فيعج بالمشاكل والقضايا التي ترتبط بهذا الجهاز كطرف فيها، من حيث أداء واجبه المهني. فهو المشرط الذي يستأصل الظواهر المرضية من الفعل التعليمي والإداري التربوي، بما يموقعه في خانة الجهاز غير المرغوب فيه! أما إذا شخصنت القضايا، فهو يصبح العدو اللدود للطرف الثاني في القضية. فتتحامل عليه أطراف القضايا مصورة إياه غولا يأكل حقوق الآخرين، ومتسلطا لا يفقه من الأمر شيئا؟! والغريب أن الوزارة في بعض القضايا التي هو فيها مظلوم لم تنصفه!؟ نتيجة ضغط هنا أو توصية هناك. أما عن تفعيل دوره فيأتي في أكثر الأحيان رجل إطفاء للمشاكل التربوية أو البيداغوجية أو الاجتماعية التي تنشب هنا أو هناك، والتي تنتج عن تشنج المجتمع المدرسي لتضارب المصالح في أغلب الأحيان. فتجده غارقا في فض النزاعات. ويأتيه الحكم بالتقاعس والتقصير ممن نصبه رجل إطفاء؟! ... وعلى العموم؛ فمشهد جهاز التفتيش جد معقد ومتشابك الأغصان وكثيف الأوراق وغامق الظلال. منه تنبثق إشكالية العقل التربوي الرسمي في رسم الصورة الحقيقية لجهاز التفتيش التربوي. بل؛ لنقل رسم الهوية الحقيقية لهذا الجهاز. فذهب إلى البحث عن صيغ للتأطير بناء على ما أملي عليه بإيجاد مسميات أخرى مؤطرة بمذكرات ومراسلات وزارية يستنجد بها للقيام بما لم تقم به ـ حسب رأيه ـ هذه الهيئة التي تقع بكم الإطار والمهام تحت حتمية التكوين الأساس. فكيف لمسميات لم تكون أن تقوم مقام هذه الهيئة؟ أليس في التنظير نتوءات تبين بالملموس الاختلال في التفكير؟ أهي الأقدمية في الممارسة الصفية كفيلة بالتأطير؟ أهي مناقشة موضوع هنا أو هناك مباشرة أو عبر الوسائل الرقمية كفيلة بالتأطير هي الأخرى؟ أم للتأطير كفايات وقدرات وأساسيات معرفية وإجرائية وأخلاقيات وقيم ... لابد من التمكن منها والتحكم فيها نظريا وعمليا وإجرائيا؟ أليس السؤال الجوهري يتجه إلى البحث عن أسباب ضعف التأطير الحقيقية؟ أهي في المؤطر أم المؤطر أم في منظومة التأطير ووسائلها وآلياتها وثقافتها ونظامها وتنظيمها ... ؟ أليس التأطير علم؟ أم هو هواية؟ وما دور مركز تكوين المفتشين في هذا التأطير من حيث تكوينه للمفتشين التربويين؟ والأسئلة تطول وتتشعب، وتزيد عمقا ودقة عندما تقع تحت ظلال التشريع. ذلك؛ ما مفهوم: " التأطير " و" الإشراف " و " المراقبة التربوية " مؤسساتيا حتى نحكم على الجهاز بالتقصير أو ندعي  " محدودية الأنشطة التأطيرية < الندوات والزيارات > ". ونعتبر المهمة الأساس لهيئة التفتيش التربوي دون سند تشريعي. ودون البحث في الأسباب التي أدت إلى هذه المحدودية؟ أليس في عدم تحديد المفاهيم تغييب للمسؤولية والمحاسبة ومدعاة التبرير؟ أليس هذا الغياب ينم عن الاختلال في التنظير؟ ألا يدعو تحديد المفاهيم تحديد المهام والاختصاص، وبالتالي يحدد المسؤوليات ويحدد مداخلها ومتطلباتها وشروطها ودواعيها؟ أليس المشهد الملتبس لصالح الأحكام المطلقة الجزافية؟! أسئلة تقف في وجه العقل التربوي الرسمي قبل أي عقل آخر. فهذا العقل هو الذي يدبر المنظومة التربوية والتكوينية بكل مكوناتها. وهو المسؤول الأول عن أية ثغرة أو تقصير أو هفوة أو غفوة! فهو المنوط به التقويم والمحاسبة والتصحيح ... ولأجله؛ وحتى نفهم هذا العقل جيدا لابد من توصيفه، والوقوف على ملامح من اختلالاته، وتأثيراتها السلبية على الممارسة الميدانية للمفتش التربوي، من أجل إيقاظ الوعي في هذا العقل للتصحيح عبر نماذج من الواقع المعيش وتحت سقف من التوصيات.

         
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى